الكريم ومصبه رضوان رب العالمين، من سلكه نجا وفاز فوزا عظيما، ومن حاد عنه هلك وخسر خسرانا مبينا.
وككل سبيل وكل طريق تحف به الدروب والطرق متقاطعة متخالفة كان هذا المنهج، فنشأت بجانبه مناهج أخرى وطرق شتى واتجاهات عدة، منها ما سلك هذا النهر، ومنها ما حاد عنه زاغ، ومنها ما وقف على شاطئه يلقي فيه بالأذى والحجارة يحسب نفسه تستطيع له سدا أو منعا. وما درى ذلك المسكين أنه يجني على نفسه، وأنه لن يبلغ شأوا ولن يقوم له أثر.
وما زالت هذه المناهج تزداد وتتنوع وتتسع وتضيق وتتجدد وتدرس، منها ما هو في دائرة المقبول، ومنها ما هو في دائرة المرفوض، ومنها ما يتردد بين الدائرتين يضرب هنا وهناك.
ولعل بزوغ شمس القرن الرابع عشر الهجري نفث في روح هذه المناهج الحياة من جديد -بعد أن فترت حينا من الدهر- بما جاء به من وسائل وأدوات حديثة تعين على الاطلاع، وتساعد على الانتشار.
فأشرقت بشروقها شمس المناهج التفسيرية للقرآن الكريم بما فيها من حق، وبما فيها من باطل.
وغربت شمسه منذ بضع سنين وغلقت أبوابه بما فيها من مناهج قديمة وجديدة، لكن المؤلفات فيه نفذت منه إلى القرن الجديد وما زالت بين أيدينا نتلوها ونقرؤها ونطبعها وننشرها.
فكان حقا واجبا أن تقدم دراسة وافية للمناهج في هذا القرن يبين فيها الأصيل والدخيل والصحيح والسقيم والمقبول والمردود علَّنا نتدارك في قرننا الجديد مساوئ سابقة ونأخذ منه محاسنه فنكون بذلك قد خطونا خطوات جادة ونكون بذلك قد استفدنا ممن قبلنا ونفيد من بعدنا في تنقية التفسير ومناهجه مما أصابه من الشوائب عبر القرون الماضية منذ أن كان صافيا نقيا إلى يومنا هذا فنعود به كما كان، ويصلح آخر هذه الأمة بما صلح به أولها.
وإذا كان الأمر كذلك فقد اخترت لنفسي أن أكتب هذه الدراسة


الصفحة التالية
Icon