المختلفة إلا الأرجح، ومن الدلائل المتنوعة إلا الأصح الأصرح، ولعمري لا يوجد قَطُّ تفسير موجز بهذا النمط"١.
نماذج من تفسيره:
والأمثلة على التزامه المنهج الذي رسمه لنفسه آنفًا كثيرة، نقتبس منها بعض الأبحاث التي وقع فيها خلاف بين أهل السنة ومَن عداهم؛ حتى يتضح منها انتماؤه، فمن ذلك:
غسل الرجلين في الوضوء:
قال تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ ٢، فجاء تفسيهر لها بقوله: قرأ نافع بنصب أرجل، وهي قراءة الحسن البصري والأعمش، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة بالجر، فقراءة النصب تدل على أنه يجب غسل الرجلين؛ لأنها معطوفة على الوجوه والأيدي، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء.
والفصل بالمسموح بين المغسولات يفيد وجوب الترتيب في تطهير هذه الأعضاء، وعليه الشافعي.
وقراءة الجر تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الأرجل؛ لأنها معطوفة على الرءوس، وإليه ذهب ابن جرير الطبري، وهو مروي عن ابن عباس. قال داود الظاهري: "يجب الجمع بين الأمرين على اقتضاء القراءتين".
وقال ابن العربي: "اتفقت الأمة على وجوب غسلهما، وما علمت مَنْ رَدَّ ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الجر".
ثم قال رحمه الله تعالى: ولكن قد ثبت في السنة المطهرة بالأحاديث الصحيحة مِن فعله ﷺ وقوله غسل الرجلين فقط.

١ نيل المرام من تفسير آيات الأحكام: محمد صديق حسن ص١٣، ١٤.
٢ سورة المائدة: من الآية ٦.


الصفحة التالية
Icon