وثبت عنه أنه قال: "ويل للأعقاب من النار"، وهو في الصحيحين وغيرهما؛ فأفاد وجوب غسل الرجلين، وأنه لا يجزئ مسحهما؛ لأن شأن المسح أن يصيب ما أصاب ويخطئ ما أخطأ، فلو كان مجزئًا لما قال: "ويل للأعقاب من النار".
وقد ثبت أنه قال بعد أن توضأ وغسل رجليه: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به"، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن رجلًا توضأ فترك على قدمه مثل موضع الظفر؛ فقال له: "ارجع فأحسن وضوءك"١ ٢.
الخمس من الغنائم:
وذلك من قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ ٣. فقال -رحمه الله تعالى- في بيانها: قال القرطبي: "اتفقوا على أن المراد بالغنيمة في هذه الآية مالُ الكفار إذا ظفر بهم المسلمون على وجه الغلبة والقهر"، قال: "ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص؛ ولكن عرف الشرع قيد اللفظ بهذا النوع".
ثم قال: وقد حكى الإجماع جماعةٌ من أهل العلم عن أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين، وممن حكى ذلك ابن المنذر وابن عبد البر والداودي والمازري والقاضي عياض وابن العربي.
والأحاديث الواردة في قسمة الغنيمة من الغانمين وكيفيتها كثيرة جدًّا، قال القرطبي: "ولم يقل أحدٌ -فيما أعلم- إن قوله تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَال﴾ الآية، ناسخ لقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ الآية؛ بل قال الجمهور: إن قوله: ﴿أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ ناسخ، وهم الذين لا يجوز عليهم التحريف ولا التبديل لكتاب الله"٤.

١ نيل المرام من تفسير آيات الأحكام: محمد صديق حسن ص٣١٤، ٣١٥.
٢ صحيح مسلم: كتاب الطهارة ج١ ص٢١٥.
٤ نيل المرام من تفسير آيات الأحكام: محمد صديق حسن ص٣٧٨، ٣٧٩.


الصفحة التالية
Icon