وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني عن النبي ﷺ أنه قال يوم فتح مكة: "يأيها الناس، إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، والله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخلِّ سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا".
وفي لفظ لمسلم: أن ذلك كان في حجة الوداع، فهذا هو الناسخ، وقال سعيد بن جبير: نستختها آية الميراث؛ إذ المتعة لا ميراث فيها.
وقال القاسم بن محمد وعائشة: تحريمها ونسخها في القرآن، وذلك قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ ١، وليست المنكوحة بالمتعة من أزواجهم ولا مما ملكت أيمانهم، فإن من شأن الزوجة أن ترث وتورث، وليست المتمتع بها كذلك.
وقد رُوي عن ابن عباس أنه قال بجواز المتعة، وأنها باقية لم تنسخ، ورُوي عنه أنه رجع عن ذلك عندما بلغه الناسخ. وقد قال بجوازها جماعة من الروافض، ولا اعتبار بأقوالهم، وقد أتعب نفسه بعض المتأخرين بتكثير الكلام على هذه المسألة، وتقوية ما قاله المجوزون لها، وليس هذا المقام مقام بيان بطلان كلامه.
وقد طول الشوكاني -رحمه الله- البحث، ودفع الشبهة الباطلة التي تمسك بها المجوزون لها في شرحه للمنتقى فليرجع إليه، وأشرنا إليه في مسك الختام شرح بلوغ المرام٢.
نكاح المشركات والكتابيات:
وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ ٣، فقال رحمه الله تعالى: "في هذه الآية النهي عن نكاح المشركات وتزوجهن. قيل: المراد

١ سورة المؤمنون: الآيتين ٥، ٦.
٢ نيل المراد من تفسير آيات الأحكام: محمد صديق حسن ص١٩٨، ١٩٩.
٣ سورة البقرة: من الآية ٢٢١.


الصفحة التالية
Icon