الجزية وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة تعتنقها أو لا تعنقها بكامل حريتها"١.
ويبقى سؤال أو سؤالان عن الواقعية واقعية من؟ والحركية في مواجهة من؟ ويجيب سيد رحمه الله تعالى على هذا بقوله: "وإذا كان "البيان" يواجه العقائد والتصورات، فإن "الحركة" تواجه العقبات المادية الأخرى -وفي مقدمتها السلطان السياسي القائم على العوامل الاعتقادية التصورية، والعنصرية والطبقية والاجتماعية والاقتصادية المعقدة المتشابكة.
وهما معا -البيان والحركة- يواجهان "الواقع البشري" بجملتهن بوسائل مكافئة لكل مكوناته وهما معا لا بد منهما لانطلاق حركة التحرير للإنسان في الأرض "الإنسان" كله في "الأرض" كلها، وهذه نقطة هامة لا بد من تقريرها مرة أخرى٢.
ثم وجه سيد رحمه الله تعالى دعوة أشعر من حيث لا أدري بأنه يعتصرها من سويداء قلبه دعانا فيها نحن معشر المسلمين المعاصرين إلى إزالة الفجوة العميقة بيننا وبين القرآن وإلى إزالة الحاجب السميك بيننا وبين القرآن، وسيظل هذا وذاك طالما نحن نتلوه أو نسمعه كأنه مجرد تراتيل تعبدية مهومة لا علاقة لها بواقعيات الحياة البشرية اليومية التي تواجه الإنسان، والتي تواجه هذه الأمة بينما هذه الآيات نزلت لتواجه نفوسا ووقائع وأحداثا حية، ذات كينونة واقعية حية ووجهت بالفعل تلك النفوس والوقائع والأحداث توجيها واقعيًّا حيًّا، نشأ عنه وجود ذو خصائص في حياة الإنسان، بصفة عامة وفي حياة الأمة المسلمة بوجه خاص.
ومن هنا فإن سيدا رحمه الله دعا هذه الأمة أن تتعامل مع القرآن كما تعاملت معه الأمة التي خاض بها معركة كبرى حولت تاريخها وتاريخ البشرية

١ في ظلال القرآن: ج٣ ص١٤٣٢-١٤٣٣.
٢ في ظلال القرآن: ج٣ ص١٤٣٤.


الصفحة التالية
Icon