وانطلاقا من هذا الأساس أيضا تَرَكَ الأطناب في كثير مما لا طائل تحته وليس له ثمرة، ولم يجهد نفسه في الكشف عما أبهمه القرآن. ولم يتوسع في التفسير العلمي بحيث يتجاوز واقع النص ومدلوله، وأعرض عن الخوض في الإسرائيليات، ولم يتناول الاختلافات الفقهية الدقيقة، ولم يتعمق في المفردات واشتقاقاتها وأصولها، ولم يعتنِ بإثارة المسائل اللغوية وكان وقافا عند حدود علم الغيب فلم يسمح لنفسه أن يخوض فيه وتلقى نصوصه بالقبول دون تأويل أو تحريف، كل هذا نراه أثرا من التزامه للواقعية الجدية مما لا أثر كبير له في بناء المجتمع المسلم فكان أن أعرض عنها وتناول ما له أثر جاد في واقع المسلمين.
وقد برزت هذه الأمور التي أشرت إليها في تفسيره حتى أصبحت أسسا من أسس منهجه في التفسير وهي أثر من آثار هذا الأساس، ولذا سنعرض لكل منها إن شاء الله بحديث موجز استكمالا للإشارة إليها هنا.
أما من ناحية الحركية وتطبيقاتها في تفسيره للقرآن الكريم فكثيرة منبثة في أغلب صفحاته وسطوره لا يترك الدعوة إليها ما وجد إلى ذلك سبيلا ولذلك أصبحت هذه سمة من سمات الظلال وأساس من أسس منهجه في التفسير.
لم يكد يمر بآية إلا وجعلها منطلقا للدعوة إلى الله سبحانه وإلى التحرك بالقرآن في موجهة الأعداء وإلى بيان طبيعة المنهج الحركي للدعوة الإسلامية المتجددة في كل زمان ومكان فهو يرسم بوحي من القرآن منهج الدعوة ومعالم الطريق وصفات القيادة يرسم الخطط ويوضح السبيل.
ويبدي اهتماما شديدا بذلك فلا يكاد يمر بآية أمرا كانت أو نهيا، خبرا أو قصة أو غير ذلك إلا وجعلها نبراسا في طريق الداعية ومَعلما من معالم الطريق.
وقف وقفاته تلك أمام قصة بني إسرائيل مع موسى عليه السلام وأول ما استوقفه فيها ورودها مفصلة أوسع تفصيل ومكررة في مواضع عديدة.
فذهب رحمه الله تعالى يستخرج بعض هذه المعالم ويرسم الخطط.


الصفحة التالية
Icon