العجيبة في الأزهار تجذب النحل والفراش مع الرائحة الخاصة التي تفوح.
ووظيفة النحل والفراش بالقياس إلى الزهرة هي القيام بنقل اللقاح؛ لتنشأ الثمار. وهكذا تؤدي الزهرة وظيفتها عن طريق جمالها! والجمال في الجنس هو الوسيلة لجذب الجنس الآخر إليه؛ لأداء الوظيفة التي يقوم بها الجنسان.
وهكذا تتم الوظيفة عن طريق الجمال.
الجمال عنصر مقصود قصدا في تصميم هذا الكون وتنسيقه ومن ثم هذه اللفتات في كتاب الله المنزل إلى الجمال في كتاب الله المعروض"١.
وقد يكون الجمال الفني في استخدام التصوير وتشخيص المعاني كوسيلة لبيانها ولا شك أن لهذا التصوير الفني أثره البين في جلاء المعنى الكلي المجرد فـ "المعنى الكلي المجرد يظل حائرا في التصور البشري ومائعا حتى يتمثل في صور محسوسة، ومهما أوتي العقل البشري من القدرة على التجريد فإنه يظل في حاجة إلى تمثل المعنى المجرد في صورة وأشكال وخصائص ونماذج ذلك شأنه مع المعاني المجردة التي تمثل المحدود فكيف بغير المحدود؟
لذلك يضرب القرآن الأمثال للناس ويقرب إلى حسهم معانيه الكبرى بوضعها في صور ومشاهد ومحسوسات ذات مقومات وخصائص وأشكال"٢.
وإن شئت مثلا لذلك فالأمثلة كثيرة أفردها رحمه الله تعالى بكتابه "التصوير الفني في القرآن" ثم سار عليها في الظلال وزادها صورا أخرى ومشاهدة أخرى نذكر منها تصويرا لمشهد من مشاهد يوم القيامة.
فمن ذلك تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ، يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ ٣ حيث قال رحمه الله

١ في ظلال القرآن: ج٥ ص٢٩٤٢-٢٩٤٣.
٢ في ظلال القرآن: ج٤ ص٢٢٩٦-٢٢٩٧.
٣ سورة إبراهيم: ١٥-١٨.


الصفحة التالية
Icon