وفي القرن الثامن وضع الإمام يحيى بن حمزة العلوي "ت٧٤٩" كتابه "الطراز" أملاه على أصحابه بعد أن قرأوا تفسير الكشاف فطلبوا منه أن يملي عليهم في إعجاز القرآن كتابًا، فأملاه عليهم.
وفي القرن التاسع ألف برهان الدين بن عمر البقاعي "ت٨٨٥" كتابه "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور".
وفي أواخر هذا القرن وأوائل القرن العاشر جاء الإمام جلال الدين السيوطي "ت٩١١" صاحب المؤلفات والمصنفات في هذا الموضوع وغيره ومنها كتابه "تناسق الدرر في تناسب السور" وغيره كثير.
ولا أعرف كتابا أو تفسيرا من هذا اللون في القرنين الحادي عشر والثاني عشر أما القرن الثالث عشر فقد ألف فيه شهاب الدين السيد محمود الألوسي "ت١٢١٧" تفسيره "روح المعاني" حتى عده بعض المعاصرين "امتداد لتفسير الكشاف للزمخشري في الاهتمام بالمسائل البلاغية والنحوية"١.
هذه إشارة سريعة لم أقصد بها استيفاءً ولا شمولًا ولا استقصاءً وإنما قصدت الإشارة إلى وجود الدراسات البيانية للقرآن الكريم عند الأقدمين وتسلسلها عبر القرون واتصالها بعضها ببعض من عصر نزول القرآن الكريم إلى القرن الرابع عشر الهجري.
ولم أضرب الأمثلة؛ إذ أن ضرب المثال في مثل هذا المقام يوجب استيفاء جوانبه الفكرية ولو فعلت هذا وذاك لكان في كتاب ضخم وقد كفاني مؤونة ذلك أستاذان فاضلان تتبعا خطوات التفسير البياني حتى العصر الحديث هما الدكتور محمد رجب البيومي في خطوات التفسير البياني للقرآن الكريم، والدكتور حفني محمد شرف في كتابه "إعجاز القرآن البياني بين النظرية والتطبيق".
ولعلِّي بعد هذا أجد مبررا للولوج إلى ميدان القرن الرابع عشر الهجري حيث أسمع جلبة، لعلي آتيكم منها بخبر.