تحديد المعاني ونكت البلاغة بالعبارة الدقيقة المختصرة"١.
هذه بعض النصوص الكثيرة التي جاءت في تفسير المنار أحسبها نواة التفسير البياني للقرآن الكريم والأستاذ الإمام وإن خط لنا أهم قواعد هذا النهج إلا أنه كما يقول الدكتور كامل سعفان. لم يلتزمه فقد غلبه طابع الإصلاح الاجتماعي٢.
وحين ننفي الالتزام فإنا لا ننكر أنها وضعت بذور هذا الاتجاه في العصر الحديث ولكن جهودهم -كما يقول الدكتور عفت الشرقاوي لم تَعْدُ اللمحات العابرة التي تكشف عن نكتة بلاغية خفية، أو لمحة بيانية ذكية، فهي لم تكن تؤلف في جملتها منهجا أدبيا واضحا يمكن أن ينسب إليها"٣.
وحتى لا أغمط الرجل حقه وحتى لا أنكر جهده أذكر أمثلة للتفسير البياني عنده تظهر جليا بذور هذ المنهج.
خذ مثلا تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ ٤ تراه يقول: "كثر خلاف المفسرين والرواة في معنى كل من الفجر وليال عشر إلى آخر ما أقسم به.
وقد يفسر الواحد منهم الفجر بمعنى، ثم يأتي في الليالي العشر بما لا يلائمه وغالب ذلك يجري على لا ما عودنا الله في نسق كتابه الكريم. وقد جرت سنة الكتاب بأنه إذا أريد تعيين يوم أو وقت ذكره بعينه. كيوم القيامة في لا اقسم بيوم القيامة وكاليوم الموعود في سورة والسماء ذات البروج. وكَلَيْلَةِ القدر في سورتها فإذا أطلق الزمن ولم يقيد كان المراد ما يعمه معنى الاسم، كما سبق في
٢ المنهج البياني في تفسير القرآن الكريم: د/ كامل علي سعفان، ص٤٣.
٣ الفكر الديني في مواجهة العصر: د/ عفت محمد الشرقاوي، ص٣٠٢.
٤ سورة الفجر: الآيتين ١، ٢.