خفية أو لمحة بيانية ذكية ولم تكن تؤلف في جملتها منهجا أدبيا متكاملا يمكن نسبته إليها وتميزا به.
ولئن كان لا يسعنا هنا أن نذكر الفوارق بين منهج الأستاذ الإمام والمنهج الأدبي الذي استوى على سوقه من بعده حتى نستوفي عناصر هذا الأخير فإنه لا يمنعنا أن نذكر فارقا واحدا به يتضح مدى البون بين الطرفين.
ذلكم أن الإمام نص في مقدمة تفسير المنار على الهدف الذي يرمي إليه من تفسيره فقال: "والتفسير الذي نطلبه هو فهم الكتاب من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا، وحياتهم الآخرة فإن هذا هو المقصد الأعلى منه، وما وراء هذا من المباحث تابع له أو وسيلة لتحصيله"١.
بينا يرى الأستاذ أمين الخولي أن "المقصد الأول للتفسير اليوم أدبي محض صرف، غير متأثر بأي اعتبار وراء ذلك وعليه يتوقف تحقق كل غرض آخر يقصد إليه؛ هذه هي نظرتنا إلى التفسير اليوم وهذا غرضنا منه وعلى هذا الأساس نتقدم لبيان طريقة تناوله ومنهج درسه"٢.
وشتان بين منهج يتناول القرآن كقطعة أدبية كقصيدة شاعر أو خطبة خطيب أو نثر كاتب وبين منهج يتناوله طالبا الهداية والرشد أولا وما سواها ثانيا، ولست بحاجة إلى مزيد بيان للبون بينهما ولعلي بعد هذا ألقي عن كاهلي عبء دمج المنهجين في منهج واحد، وأتحدث بعد هذا عن المنهج الأدبي المحض! الصرف.

١ تفسير فاتحة الكتاب: الشيخ محمد عبده، ص٥؛ وتفسير المنار: محمد رشيد رضا، ص١٧.
٢ التفسير معالم حياته منهجه اليوم: أمين الخولي، ص٣٥.

قصة تأصيل هذا المنهج:
حين أذكر وأكرر أن المنهج البياني في التفسير خاص بالقرن الرابع عشر الهجري فإني لا أعني أبدا نفي الدراسات البيانية في القرون الماضية كيف وقد


الصفحة التالية
Icon