ذكرت سلسلة منها فيما سلف من هذه الورقات؟! وإنما أعني أن الدراسات السابقة لم تصل في مقصدها إلى ما وصلت إليه في القرن الرابع عشر الهجري.
كان هدف الدراسات السابقة هو الهدف الذي ذكرته في تفسير محمد عبده آنفا وأزيد على هذا ما لاحظه الدكتور حفني محمد شرف بعد أن درس "إعجاز القرآن البياني بين النظرية والتطبيق" وانتهى به المطاف إلى ملاحظة هامة دونها في خاتمة رسالته حين قال: "والذي لاحظته أثناء هذا التطواف، وتلك المقابلات أن أكثر علماء الإعجاز درسوا البلاغة العربية وأرخوا لها وطوروا دراستها؛ لأنهم كانوا مؤمنين بأن دراسة البلاغة وسيلة لغاية أسمى، وهي إعجاز القرآن البياني، ويمكن التأكد من هذا بالرجوع إلى مقدمات مؤلفاتهم في البلاغة التي كثيرا ما يصرحون فيها بهذه الملاحظة التي أشرت إليها"١.
بمعنى آخر: إن الدراسات السابقة كانت وسيلة وليست غاية أما الدراسات هذه في الفترة التي نريد جلاءها فهي غاية تدرس النص القرآني "وقصدها الأول أدبي محض صرف غير متأثر بأي اعتبار وراء ذلك، وعليه يتوقف تحقق كل غرض آخر يقصد إليه"٢، ولذا فلا فرق بين أن يقوم بهذه الدراسة مسلم أو غير مسلم كما يقولون هم بأنفسهم.
إذًا فالدراسات الحديثة أصل الدراسة البيانية للقرآن الكريم واستميحكم هنا عذرا بتقديم الدكتورة عائشة عبد الرحمن تلميذة المؤصل -إن صحت التسمية- لهذا المنهج الأستاذ أمين الخولي أقدمها لتوضح لنا بداية هذا التأصيل وإن شئت فسمها قصة هذا التأصيل.
تقول بنت الشاطئ: "لكل لغة روائع من آدابها، تعتبرها النماذج العالية لذوقها الأصيل، والمثل الرفيعة لفنها القولي وقد غبرت الأجيال منا تجه إلى نصوص مختارة من شعر العربية ونثرها تضعها بين أيدي القراء أو تقدمها إلى التلاميذ والطلاب وشغلنا نحن أصحاب الدرس الأدبي، أو شغلت الجمهرة

١ إعجاز القرآن البياني بين النظرية والتطبيق: د/ حفني محمد شرف ص٣٧٥.
٢ التفسير معالم حياته منهجه اليوم: أمين الخولي ص٣٥.


الصفحة التالية
Icon