لكل ذي غرض أو صاحب مقصد بعد الوفاء بهذا الدرس الأدبي أن يعمد إلى ذلك الكتاب، فيأخذ منه ما يشاء ويقتبس منه ما يريد ويرجع إليه فيما أحب من تشريع أو اعتقاد أو أخلاق أو إصلاح اجتماعي أو غير ذلك. وليس شيء من هذه الأغراض الثانية يتحقق على وجهه إلا حين يعتمد على تلك الدراسة الأدبية لكِتاب العربية الأوحد دراسة صحيحة كاملة مفهمة له، وهذه الدراسة هي ما نسميه اليوم تفسيرا؛ لأنه لا يمكن بيان غرض القرآن ولا فهم معناه إلا بها.
فجملة القول: أن التفسير فيما أفهمه هو الدراسة الأدبية الصحيحة المنهج، الكاملة المناحي، المتسقة التوزيع، والمقصد الأول للتفسير اليوم أدبي محض صرف، غير متأثر بأي اعتبار، وراء ذلك.. وعليه يتوقف تحقق كل غرض آخر يقصد إليه هذه هي نظرتنا إلى التفسير اليوم وهذا غرضنا منه"١.
وإنما نقلت هذا النص بطوله لما فيه من بيان نظرة الأستاذ أمين الخولي إلى التفسير ولما فيه من بيان غرضه، وكفى بهما من مطلب بسطه لنا صاحب المنهج ومؤصله.
وسأرجئ إبداء رأيي في نظرته إلى التفسير وغرضه منه إلى آخر هذا الفصل حيث سأبين رأيي الخاص في المنهج كله أجمعه هناك حتى لا يتفرق.
مراحله ومعالمه:
وحين نتحدث عن مراحله ومعالمه تلك، فإنا لا نقصد بها المراحل التي مر بها التفسير البياني عبر تاريخ التفسير فهذا قد سبقت الإشارة إليه. ولكني أقصد ذكر المراحل التي يمر بها المفسر الواحد في العصر الحديث لتطبيق المنهج البياني في التفسير كما بسطها صاحبه.
ولئن كان الأستاذ أمين الخولي لم يوردها مسلسلة مرتبة فإني بعد نظر تأمل قد حصرتها بأربع أو خمس مراحل هذا بيانها: