وخلاصة الأمر أن الأستاذ أمين الخولي يشترط للتفسير الأدبي دراسة خاصة حول القرآن الكريم نحو دراسة تاريخه ونزوله وجمعه وترتيبه وناسخه ومنسوخه، وبعبارة أخرى يشترط على المفسر أن يكون عالما بأصول العلوم المتصلة بالقرآن والمعروفة بعلوم القرآن، ولسنا بحاجة إلى أن نؤكد أن المفسرين السابقين أيضا لم يهملوا هذا الأمر وأولوه عنايتهم والأستاذ أمين نفسه يعترف بهذا وينقل قول السيوطي في مقدمة كتابه "الإتقان في علوم القرآن" أنه جعل هذا الكتاب مقدمة لتفسيره وأن أكثر المفسرين يُلمُّون في مقدمة تفاسيرهم بشيء من القول في النزول والجمع والقراءات والعلم بأصول الدين بما في القرآن من الآية الدالة بظاهرها على ما لا يجوز على الله تعالى واشترط العلم بالناسخ والمنسوخ والعلم بأسباب
النزول والقصص، وغير ذلك١. وإذًا فالأستاذ أمين مسبوق بهذا الشرط وبهذه الدراسة الخاصة.
وأما الدراسة العامة لما حول القرآن الكريم فقال عنه الأستاذ أمين: "وأما ما حول القرآن من دراسة عامة فهو ما يتصل بالبيئة المادية والمعنوية التي ظهر فيها القرآن وعاش، وفيها جمع وكتب وقرئ وحفظ وخاطب أهلها أول من خاطب، وإليهم ألقى رسالته؛ لينهضوا بأدائها، وإبلاغها شعوب الدنيا. فروح القرآن عربية، ومزاجه عربي "!! " وأسلوبه عربي: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ ٢، والنفاذ إلى مقاصده إنما يقوم على التمثل الكامل والاستشفاف التام لهذه الروح العربية وذلك المزاج العربي، والذوق العربي، ومن هنا لزمت المعرفة الكاملة لهذه البيئة العربية المادية أرضها بجبالها وحرارها وصحاريها وقيعانها وسمائها بسحبها ونجومها وأنوائها وجوها بحره وبرده وعواصفه وأنسامه وطبيعتها بجدبها وخصبها وقحولها أو نمائها ونباتها وشجرها... إلخ، فكل ما يتصل بتلك الحياة المادية العربية وسائل ضرورية لفهم هذا القرآن العربي المبين.
٢ سورة الزمر: من الآية ٢٨.