الذي يدعو إليه فلسان العرب مثلا تجاورت فيه نصوص تباعدت عصور أصحابها، وتمازجت فيه اللغويات بالدينيات كما يقول. أما القاموس المحيط فهو عنده عصارات غير ممتزجةٍ لثقافات متغايرة متباينة من فلسفية عقلية إلى طبية عملية فأدبية لغوية. فدينية اعتقادية أو غيرها. ثم عقب الأستاذ أمين على هذا بقوله: "معاجمنا لا تسعف على شيء من تحقيق هذا الأصل الثابت في تدرج الألفاظ. فليس أمام مفسر القرآن حين يبتغي المعنى الأول لألفاظه إلا أن يقوم بعمل في ذلك مهما يكن مؤقتا وقاصرا فإنه هو كل ما يمكن اليوم وإلى أن نملك قاموسا اشتقاقيًّا تتدرج فيه دلالات الألفاظ وتتمايز فيه المعاني اللغوية على ترتيبها عن المعاني الاصطلاحية على ظهورها"١.
إذًا فالأستاذ الخولي يرى أن الخطوة الأولى في دراسة النص نفسه هي النظر في المفردات وذلك بوضع ترتيب زمني لتدرج دلالات الألفاظ ليعرف معنى اللفظة الواحدة وقت نزول القرآن الكريم ومعناها بعد أن تداولتها أفواه مختلفة الألوان والدماء ليتم التمييز بين المعنى اللغوي والمعنى القرآني.
وهو أيضا يرى أنه لا يوجد معجم يفي بهذا الغرض حتى الآن ورتب على هذا أن يقوم المفسر الأدبي بتحمل عبء متابعة تدرج اللفظ ومن ثم اختيار ما يراه مناسبا للفظة القرآنية وقت نزول القرآن الكريم من معانٍ أخرى.
ورتب الأستاذ الخولي على هذا أيضا أن ينظر المفسر الأدبي في الألفاظ القرآنية من ناحيتين:
١- النظر في المادة اللغوية للفظ الذي يريد تفسيره؛ لينحي فيها المعاني اللغوية عن غيرها، ثم ينظر في تدرج المعاني اللغوية للمادة نظرة ترتبها على الظن الغالب لتقدم الأسبق الأقدم منها على السبق حتى يطمئن ما استطاع إلى شيء في ذلك ينتهي منه إلى ترجيح معنى لغوي للكلمة كان هو المعروف حين سمعتها العرب في آي الكتاب. والمفسر في هذا التمييز

١ المرجع السابق، ص٤٢-٤٣.


الصفحة التالية
Icon