يكون بتقريبه إلى الناس، وأنسهم به في شهر رمضان عندما يرتاضون بالصوم ويدركون من الصوم ما رأينا من غاية تتسق مع الفكرة الجامعة في فهم الدين وفهم الحياة، ففي كل رمضان إذ الناس يشعرون من الصوم بما يشعرون به، يقرب القرآن إلى نفوسهم، ويستبينون منه الهدى والبينات من الهدى في تفسير الحياة وتدبير الحياة والقرآن في ذلك فرقان واضح، يتميز به تاريخ الإنسانية عصر عن أعصر قبله، وهذا معنى الفرق والتميز في كلمة الفرقان الذي فيه منه بينات.
على هذا الوجه يفهم أن نزول القرآن في رمضان هو تقريبه والإيناس به فيزيد الاستشفاف لهداه، وبيناته"١.
ولا أحسب أن هذا التعليل الذي جاء به الأستاذ الخولي مقنعا؛ إذ إن الهداية بالقرآن الكريم وتقريبه إلى الناس وأنسهم به ليس خاصا بشهر رمضان حتى يقصر عليه. زد على هذا أن النصوص كثية من الكتاب والسنة في نزول القرآن الكريم في شهر رمضان، ولا يلزم اقتران النزول المادي بذكر المبدأ خذ مثلا: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَة﴾ ٢، ﴿قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلائِكَة﴾ ٣، ﴿وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ﴾ ٤، ﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ﴾ ٥، ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ ٦، ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ ٧، والآيات الدالة على هذا كثير.
وفي حديثين آخرين تناول الأستاذ الخولي معنى الجوع وصلته بالصيام

١ من هدي القرآن: في رمضان: أمين الخولي ص١٢٧-١٢٨.
٢ سورة المؤمنون: الآية ٢٤.
٣ سورة فصلت: الآية ١٤.
٤ سورة الأنعام: الآية ٨.
٥ سورة الأعراف: الآية ٥٧.
٦ سورة الحج: الآية ٥.
٧ سورة فصلت: الآية ٣٩.


الصفحة التالية
Icon