ثم عرض لبيان نظرة القرآن إلى هذا المال في أيدي الواجدين وصفته التي يعطونها به للفاقدين وأنهم إنما يعطونه حين يقرضونه إعطاء التارك المتجاوز غير المحدد لأجل للرد ولا الدائن بما يقرض.
ثم عرض الأستاذ الخولي لبيان غريزة حب التملك في الإنسان منذ الطفولة إلى الشيخوخة وآثارها الحسنة وآثارها السيئة، ثم بين هدي القرآن في حل تلك المشكلة الكبرى؟ وبين كيف عالجها القرآن وأن علاجه لم يكن دخولا في مشكلاته الاقتصادية أو مذهبيات اجتماعية يزيد بها الآراء رأيا والمذاهب مذهبا ويدعنا في حيرة لا نعرف الأصوب والأصلح؟ ووصف العلاج القرآني لهذه الفطرة نفساني دقيق يمسها مساسًا خبيرًا رشيدًا، فيجعل التدين والتأليه والمسئولية الآخرة عوامل فعالة في إحياء المضير وتقوية الإحساس بالكرامة وبالخير وتأسيس الشعور بالمسئولية على المراقبة الداخلية والرضا النفسي.
تلكم هي أبرز ملامح اللمحات العامة التي قدمها الأستاذ الخولي أمام دراسته تلك.
لكنه عاد في الحلقة التالية إلى "حب المال" وتحدث فيها عن نظرة القرآن إليه، وأن القرآن لم يعمد من ذلك إلى تجاهل أو كبت يصادم الواقع من قوة هذه الرغبة في البشر فهو يقول: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ ١.
ثم بيَّن أن أصحاب القرآن يدركون أن هذا الهدى الخالد قد عرف للبشرية حبها للتملك، فأرضها لونا من الإرضاء يوفر ثقتها بما يوجهها إليه في تعلية هذه الغريزة ولا تحس معه بشك فيما يلقى إليها؛ لأنها قد عرفته مقدرا للواقع خبيرا به لطيفا في تناوله، فلتصغ إلى ما سيلقي إليها من حديث عن هذه الرغبة٢... إلخ.
٢ من هدي القرآن، في أموالهم: أمين الخولي ص٢١٤.