وتحت عنوان "بين القصد والجور"
أورد المؤلف قوله تعالى: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِر﴾ ١.
تحدث فيه أيضا عن هذه الفطرة "حب التملك" وعما تحتاجه من مراقبة وملاحظة؛ لأنها حين تجنح إلى ما لا خير فيه تكون وبالًا على الفرد والأمة ومضيعة لما هي وسيلة إليه وسبب من العزة والغلبة والكرة والدولة فهي إذن بحاجة ماسة إلى التوجيه السديد وهذه المراقبة ليست يسيرة المؤونة ولا سهلة الممارسة.
وقد التفت القرآن التفاتا قويًّا لهذه الغريزة وهو يحد من شرها عند هذا الجموح في مثل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ٢، كما يسوق للعبرة حال من أفسد أمره ماله وولده في قوله عن نوح عليه السلام: ﴿رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ ٣، وفي مثل قوله تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ، أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ ٤، بمثل هذه الحالة من فساد الحال بجموح نزعة التملك والتمول ينفي القرآن أن يكون المال والولد وسيلة إلى القربى والزلفى عند الله، فيقول: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ ٥.
وبهذا القصد والاعتدال ينهى القرآن عن الإعجاب والاغترار بالأموال والأولاد: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ ٦،
٢ سورة المنافقون: الآية ٩.
٣ سورة نوح: الآية ٢١.
٤ سورة القلم: الآيتين ١٠-١٣.
٥ سورة سبأ: الآية ٣٧.
٦ سورة التوبة: الآية ٥٥.