ففي هذه الآيات وما إليها لفت واضح إلى حال هذه النزعة البشرية للتملك والاقتناء إذا جنحت إلى الشر، ثم جعل الأستاذ أمين هذا الأساس ميزانا يزن به أقوال المفسرين.
ثم بين أن القرآن لفت إلى الرشاد والصواب في السلوك الذي يريده من أصحاب الأموال: ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ١ الآية، ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ٢، ولن يكون الإنفاق بالليل والنهار، وفي السر وفي العلن إلا من مال كثير يجدُّ في سبيل جمعه أولئك المنفقون.
بهذه الآيات وأمثالها لفت القرآن أقوى لفت إلى خيرية غريزة التملك المهذبة الموفقة، فالقرآن بعد مسلكه النفسي في تقرير هذه الحقيقة عن الفطرة يشير إلى أنها في حاجة إلى رقابة مرشدة وتوجيه سديد.
ووضَّح في "تحويل نفسي" أن القرآن حين يقصد إلى تعلية غريزة التملك وتوجيهها لم يعمد قط إلى هذا القمع الكابت فلم يجعل المال لعنة، ولا الغنى خطيئة ولا طد الغني من ملكوت الله ولا وجه إلى الزهد المنقطع عن الحياة"؛ بل "فتح مسالك ومنافذ للتحويل النفسي ببعض ما سمعنا من توجبه لا يضمن ويبخل ولا يبدد ويسرف ولا يغتر ويستكبر ولا ينكر القيم ويجحد اليقين ولا يحسب المال هو الدنيا والآخرة جميعا ولا ينسى ما هو خير ثوابا وخير أملا٣.
ثم تكلم الخولي عن "تعديل البيئة" فإذا كان أصحاب النفسيات يقدرون في تهذيب الغريزة تأثير التحويل النفسي، والتبديل النفسي، والاستعانة بغريزة على غريزة فإنهم يقدرون كذلك فعل المؤثرات الخارجية في هذا التهذيب،

١ سورة التوبة: الآية ٨٨.
٢ سورة البقرة: الآية ٢٧٤.
٣ من هدي القرآن، في أموالهم: أمين الخولي ص٢٢٤، ٢٢٦.


الصفحة التالية
Icon