ويقررون أن الإنسان يتأثر بما حوله من نُظُم وأوضاع يخضع لها، وفي الحق أن القرآن قد قدر الأثر النفسي للبيئة حينما قدر الوحدة الاجتماعية والصلة الوثيقة بين الفرد والجماعة، وفي الحق أيضا أن القول عن عمل القرآن في "تعديل البيئة" التعديل الخاص بتهذيب غريزة التملك قول تتسع آفاقه وينبسط مداه حتى ليقضينا النظر في أصول النظام المالي.
والقرآن حين يهذب غريزة التملك في أصحاب القرآن يجمع بين الواقعية والمثالية.
فهو حين يحمي الملكية الفردية واقعي لا يفجأ الناس بتجريدهم من أموالهم تجريدًا يفتر همتهم وينثي عزائمهم، ويقعدهم فلا يبتكرون، ولا يجدون ولا يذودون عن حماهم.
ثم هو حين يهز أسس هذه الملكية الخاصة يكون مثاليا يكف من غلواء الأغنياء، ويزلزل صلتهم بأموالهم ويجعلها للناس جميعا هم عليها أمناء مستخلفون وهي مال الله لا مالُهم.
بهذا التعديل الدينيّ الأساس، السماويّ الصبغة، الإلهيّ الروح يوقِّيهم أخطار الجموح في التملك والوصول إليه بأي وسيلة وإهدار الخلق والفضيلة"١.
و"استمع إليه حين يحدث كثيرا عن أداء هؤلاء الواجدين لما عليهم من واجبات الزكاة فيستعمل في ذلك كله كلمة من "الإيتاء" لا يغيرها في بضع وعشرين مرة استعمل فيها مادة واحدة هي: ﴿آتَى﴾ لم يغيرها على كثرة ما قال عن الزكاة فتراها في صورة متعددة: ﴿أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاة﴾ ٢، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ ٣، ﴿وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾ ٤، {وَالْمُقِيمِينَ
٢ سورة الحج: الآية ٤١.
٣ سورة البقرة: الآية ٤٣.
٤ سورة الأنبياء: الآية ٧٣.