عاد وهو أخطر على من أرسلوه من قبلُ، فصار يكتب المقالات التي أقضَّت مضاجعهم، وجرت عليه الكثير من المضايقات، ولم يحسب لها حسابا، فراح يعدُّ البحوث ويلقي المحاضرات ويعقد الندوات ويدير الجلسات وصار بيته موئلا للشباب ومهوى للقلوب.
وقرن القول بالعمل، فدعا إلى قيام الكتلة الإسلامية كتلة ثالثة لا شرقية ولا غربية، وكان لسيد أثر كبير في قيام ثورة ٢٣ يوليو، وكان موضع احترام رجالها وهو المدني الوحيد الذي كان يحضر أحيانا جلسات مجلس قيادة الثورة".
وحين طلبوا منه أن يلقي محاضرة في نادي الضباط في القاهرة غص النادي بالحضور من مختلف الفئات، وحرص على حضورها رئيس مجلس الثورة اللواء محمد نجيب بنفسه إلا أن عذرا طارئا منعه من ذلك، فحضرها نيابة عنه جمال عبد الناصر ولم يكتفِ بهذا بل أرسل رسالة مع أنور السادات يعتذر فيها عن الحضور، وقد تليت هذه الرسالة على الحضور وقد وصف سيد قطب فيها بأنه رائد الثورة ومعلمها وراعيها وقائد قادتها ورئيس رؤسائها١.
وليس بغريب أن يقول هذا محمد نجيب وهو الذي يعترف في مذكراته التي أصدرها مؤخرًا بعنوان "كنت رئيسا لمصر": "إنني أعرف أن الإخوان كانوا أول من ساعدوا عبد الناصر في تنظيم الضباط الأحرار" في فترة لم أكن فيها قد عرفت عبد الناصر ولا التنظيم"٢.
ولم يكن سيد رحمه الله تعالى في محاضرته تلك متملقا ولا متشدقا للثورة. ولكنه أعلنها أن الثورة قد بدأت حقا وليس لنا أن نثني عليها؛ لأنها لم تعمل بعدُ شيئا يستحق أن يذكر، فخروج الملك ليس غاية الثورة، بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام، وأعلن أنه يخشى من الثورة أكثر من
٢ كنت رئيسا لمصر: محمد نجيب، ص١٦٧.