ذي قبل: "لقد كنت في عهد الملكية مهيئا نفسي للسجن في كل لحظة وما آمن على نفسي في هذا العهد أيضا، فأنا في هذا العهد مهيئ نفسي للسجن ولغير السجن أكثر من ذي قبل"١!!
وكان جمال عبد الناصر -كما قلنا- حاضرا فوقف وقال بصوته الجهوري: "أخي الكبير سيد؛ والله لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا جثثا هامدة ونعاهدك باسم الله بل نجدد عهدنا لك أن نكون فداءك حتى الموت"، وكان من بين الحاضرين الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار الذي كتب وصفا كاملا لهذا الحفل١.
وعرضت عليه الثورة مناصب عديدة رفضها كلها إلا منصب السكرتير العام لهيئة التحرير وما رضي به إلا ليسعى للتخطيط للسياسة العليا وكان يستحثهم الإسراع بتطبيق الشريعة الإسلامية وكانوا يراوغون ويماطلون فاستقال بعد شهور وخلفه في منصبه جمال عبد الناصر نفسه١.
وعندما وقع الصدام بين الإخوان مع قادة الثورة سنة ١٩٥٤م كان سيد قطب رحمه الله تعالى في مقدمة المعتقلين وحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما وتفرغ سيد رحمه الله تعالى في سجنه للدعوة؛ دعا بلسانه بين السجناء والجنود فكان يخطب فيهم العيدين والجمعة رغم مخالفة ذلك للتعليمات ودعا بقلمه فسطر أروع كتبه وأفضلها وأشهرها: في ظلال القرآن.
ويشاء الله أن يكون هذا التفسير من أسباب خروجه من السجن فقد كتب له القبول بين المسلمين وحين زار الرئيس العراقي عبد السلام عارف مصر؛ وكان قد قرأ الظلال توسط عند الرئيس جمال عبد الناصر؛ لإخراجه من السجن بطلب من علماء العراق وصدر الأمر بالإفراج عنه أواخر عام ١٩٦٤م، وعرض عليه عبد السلام عارف أن يسافر معه إلى العراق ووعده بمنصب كبير لكنه رحمه الله آثر البقاء في مصر.