ج ١٠، ص : ١٢١
« هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى. وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى »..
(١٨ ـ ١٩) (من سورة النازعات) واقرأ هذه المقولات الأربع، واحدة بعد أخرى، اقرأها على أي ترتيب شئت.. فهل تجد فيها تكرارا ؟ وهل يمكن أن تستغنى عن واحدة منها، ثم لا يفوتك شىء مما يتطلبه الموقف، وما حملت تلك الصورة من رؤية جديدة له، ومن مشاعر وخلجات تلبست به ؟
والذي أود الإشارة إليه، هو أن هذه المقولات الأربع ليست قولا واحدا جاء به القرآن الكريم في معارض مختلفة من القول، وإنما هي أقوال أربعة فعلا، كل قول منها مستقل بنفسه، قائم بذاته، وإن كان مكملا لغيره..
شارحا له، أو مؤكدا..
١ ـ فهذا موسى ومعه أخوه هرون، يدخلان على فرعون، ويتحدثان إليه بصوت واحد معا.. إذ كان ذلك هو شعور موسى من لقاء فرعون، قبل أن يلقاه، فقد طلب إلى اللّه أن يشدّ أزره بأخيه هرون، فهو أفصح منه لسانا..
ويدخل موسى وهرون على فرعون.. فينظر إليهما نظرة من يقول : ماذا تريدان ؟..
فيقولان معا وبصوت واحد :« إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى »..
(٤٨) (سورة طه) ٢ ـ ثم ها هما وقد أخذت تزايلهما رهبة الموقف ودهشة اللقاء فيلقيان فرعون لقاء مباشرا، ويلقيان إليه بهذا الأمر العظيم، فيقولان معا :
«إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ. أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ!! » (١٦ ـ ١٧) (سورة الشعراء)


الصفحة التالية
Icon