ج ١٠، ص : ٣٠٢
عليهما ثانيا ـ فى هذا إشارة إلى أن لكل إنسان حسابه وجزاءه.. فهم ـ محسنون ومسيئون ـ محاسبون، فردا فردا.. ثم يلتقى أهل الإحسان بأهل الإحسان، ويلتقى أهل السوء بأهل السوء..
قوله تعالى :«إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ.. فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ».
بهذه الآيات الثلاث تختم سورة النمل، فيلتقى ختامها مع بدئها.. حيث بدئت بعرض كتاب اللّه الكريم، وما فيه من هدى وبشرى للمؤمنين، ومن خزى ووعيد للمشركين الضالين.
ثم عرضت السورة بعد هذا معارض للدعوة إلى اللّه على لسان هذا الطائر الضئيل الضعيف « الهدهد » ليرى في هذا العرض ما في الإنسان من سفاهة وحمق، حين يضل طريقه إلى اللّه، فيعبد الشمس والقمر، ويأبى أن يعبد ربّ الشمس والقمر..! ثم تختم السورة بهذا الموقف الذي ينهى به النبي ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ ما بينه وبين قومه.. إنه قد دعاهم إلى اللّه، وبلغهم رسالة ربه، وأسمعهم آياته، فليس لهم بعد هذا على اللّه حجة.. وإنه ـ وهو رسول اللّه ـ مدعوّ مثلهم، إلى ما يدعوهم إليه من عبادة اللّه، والولاء له.. « فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ » لا سلطان لى على أحد، حتى أحمله به حملا على الإيمان باللّه.
وفي قوله تعالى :« رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها » إشارة إلى أن هذه البلدة،


الصفحة التالية
Icon