ج ١٠، ص : ٣٥٨
لهم حجة يقضون بها على هذه الآيات، ولا يكون لمحمد إلّا أن يتّبع هذا النور الذي يغطى على نور هذه الآيات! وفي قوله « من عند اللّه ».
إشارة إلى أن هذه الآيات التي مع موسى، ومع محمد، هى من عند اللّه، وليس في هذا قيد يتقيد به المشركون المطالبون بالإتيان بما هو أهدى من آيات موسى ومحمد، بل إن لهم أن يأتوا بالكتاب المقترح عليهم، من أي مورد يردونه، على شريطة أن يكون أهدى مما هو معروض عليهم من آيات اللّه تلك! وإنما قوله « من عند اللّه » هو تقرير لحقيقة واقعة، وهي أن ما يأتى به الرسل، هو من عند اللّه، فتلك هي الحقيقة، وهو ما يصرح به الرسل أنفسهم، فى مواجهة أقوامهم.. فهو تحد لهم بأن يتصلوا باللّه، ويتلقوا منه كتابا سماويا.. فهذا هو الوجه الذي يطلب منه الكتاب، الذي يناظر هذين الكتابين! والسؤال هنا، هو : إذا كان مفهوم ما أوتيه موسى هو تلك الآيات المادية، التي عرضها على فرعون، فكيف يستقيم النظم القرآنى، على هذا الفهم، وقد جاء قوله تعالى :« فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما » ؟ ألا يدلّ الضمير في « منهما » على أن المراد بآيات موسى هي كتابه، وهو التوراة ؟
ونقول ـ واللّه أعلم ـ إن آيات موسى المادية هي بعض رسالته، وهي مكملة للكتاب الذي تلقاه من ربه.. فهى بهذا صحف من كتاب موسى..
وعلى هذا، فإن هذه الآيات المادية، إذا اجتمعت إلى الآيات القرآنية، كان منهما كتابان، كتاب مادى، وكتاب كلامى.. وقد كذب المشركون قديما وحديثا بالكتابين معا، ما اشتمل منهما على آيات مادية، وما اشتمل على آيات كلامية..


الصفحة التالية
Icon