ج ١٠، ص : ٨٢
« قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ. أَلا تَسْتَمِعُونَ » ؟.. فما هذا اللغو ؟ وما هذا الهذيان ؟
أهناك ربّ غيرى ؟.
ولا يكاد القوم يتجهون بعقولهم إلى ما يدعوهم إليه فرعون، حتى يلقاهم موسى بالجواب الذي كان ينبغى أن يلقوا به هذا السؤال الذي ألقاه إليهم فرعون، فى عجب ودهش :
« قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ »..
هذا هو الربّ الذي ينكره فرعون، ويعجب من أمره.. أفتنكرونه أنتم كذلك ؟ فأين عقولكم حتى تنقادوا إلى هذا الضلال ؟.
ويأخذ فرعون الطريق على موسى إلى الملأ.. فيقول لهم :
« إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ».
. إنّه رسول إليهم، لا إلى فرعون.. ثم إنه لمجنون يهذى بهذا القول.. فلا تستمعوا إليه، ولا تأخذوا كلامه إلّا على أنه كلام مجانين!.
ويردّ موسى على فرعون هذا الاتهام بقوله :
« رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ »..
إنه يدعوهم جميعا، ومعهم فرعون، إلى أن يستمعوا ويعقلوا، وإنهم لو كانوا عقلاء حقّا لعرفوا أن لهذا الوجود ربّا، وأنه ربّ المشرق والمغرب، وما بين المشرق والمغرب، من كائنات.
ويقطع فرعون هذا الجدل، ويجرد سيف بأسه وسلطانه، ليفحم موسى، ويسكته.. فيقول :
«لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ».
. هكذا منطق القوة الغاشمة.. إنها لا تحتكم إلى عقل، ولا تخضع لمنطق، إلّا منطق القهر والتسلّط!.