ج ١٠، ص : ٨٧
ذلك في مواضع أخرى.. فقال تعالى في سورة الأعراف :« فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ » (الآية : ١١٦).
وقال في سورة طه، عما وقع في نفس موسى من هذا السحر :« فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى » (الآية : ٦٧).
« فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ ».
. والإفك : ما كان من واردات الضلال والبهتان..
وهكذا في لمحة خاطفة، يتبدد هذا السراب، وتختفى أشباح هذا الضلال.
وإذا موسى وقد ملك الموقف، واستولى على كل ما في الميدان من مغانم..!
وإذا هذا الهرج والمرج، وهذا الصخب واللجب، يتحول إلى صمت رهيب، وسكون موحش، لا يقطعه إلا السحرة، وقد استبدت بهم نشوة غامرة، وغشيتهم صحوة مشرقة، وإذا هم يخرجون من أحشاء هذا الصمت الرهيب، ويتحركون في وسط هذا السكون الموحش.
َأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ.. »
ويعود الهرج والمرج، وتختلط أصوات الاستهجان بالاستحسان، ثم تخمد الأنفاس فجأة، وتحتبس الكلمات على الألسنة، وتموت المشاعر في الصدور، ويفيق القوم من وقع هذه الصاعقة، إذ يذكرون أنهم في حضرة « فرعون » فتتعلق به الأبصار.. ليطلّ الناس منها على ما يصنع فرعون، أو يقول.
والحساب هنا مع السحرة أولا، الذين خذلوا فرعون، وأذلوا كبرياءه، وأعلنوا فضيحته على الملأ.
« قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ » ؟