ج ١١، ص : ٥١٤
هو أمر للنبىّ الكريم، أن يمضى على طريقه، وأن يدع هؤلاء المشركين وما أركسوا فيه..
وإقامة الوجه للدّين هو، اتجاه القاصد إليه، بكل كيانه، من غير التفات إلى شىء غيره.. والخطاب، وإن كان خاصا للنبىّ، فإنه عام، يدخل فيه كل مؤمن.
ـ وقوله تعالى :« فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها » هو جملة تفسيرية، للدين الحنيف.. ففطرة اللّه، منصوب بفعل محذوف تقديره، أعنى، أو أريد، أو نحو هذا.. فالدين الحنيف، وهو الإسلام، هو فطرة اللّه التي فطر اللّه الناس عليها، وخلقهم على استعداد فطرى لقبول هذا الدين، كما يقول الرسول الكريم :« ما من مولود إلا يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجّسانه ».
وهذا التأويل ـ واللّه أعلم ـ هو أولى من نصب « فطرة اللّه » على الإغراء، بتقدير لزم فطرة اللّه، أو نحو هذا.. لأن ذلك يقطع الصلة بين الدين الحنيف وفطرة اللّه، ويجعل كلا منهما كيانا مستقلا، على حين يجعلهما التأويل الذي تأولناه، شيئا واحدا.. وهو الأولى! وفطرة اللّه، هى ما أودع اللّه سبحانه وتعالى في الإنسان من قوى عاقلة، وطبيعة سليمة، فى أصل الخلقة، تقبل الطيب، وتنفر من الخبيث.. وهذا هو ملاك أمر الدين، دين اللّه، الذي ارتضاه لعباده..
وهذه الفطرة، تعرض لها عوارض كثيرة تشوّه معالمها، أو تفسد طبيعتها، شأنها في هذا شأن حواس الإنسان، من سمع، وبصر، وذوق، ولمس، وشم | وكما أن لما يعرض للحواس من آفات، دواء تداوى به، كذلك جعل اللّه سبحانه للفطرة ما تتداوى به، إذا هى أصيبت بآفة من |