ج ١١، ص : ٥٦٥
ـ وقوله تعالى :« أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ».
. أن هنا تفسيرية، والجملة بعدها مفسرة للحكمة التي آناها اللّه لقمان، وهى أن يكون عبدا شكورا للّه.. فشكر اللّه هو رأس الحكمة، إذ لا يكون الشكر إلا عن إيمان وثيق باللّه، وعن رضا مطلق بكل شىء يصيب الإنسان، ولهذا كان شكر اللّه من أعظم الصفات التي يخلصها للّه سبحانه وتعالى، على المرضىّ عنهم من عباده، كما يقول سبحانه فى إبراهيم :« إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (١٢٠ ـ ١٢١ : النحل).
كما كان الشكر دعوة من دعوات اللّه إلى رسله وأنبيائه، كما يقول سبحانه، لداود :« اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً... وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ » (١٣ : سبأ).
فالشكر، ثمرة الإيمان، ومن حرم الشكر، فقد خلا قلبه من الإيمان..
ولهذا قرن القرآن الكريم الشكر بالإيمان، وجعلهما على كفتى ميزان، سواء بسواء.. فقال تعالى :« وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » (١٧٢ : البقرة).
وقال سبحانه :« وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ » (١٥٢ : البقرة).. وهذا ما جاء عليه قوله تعالى في هذه الآية :« وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ».
. أي أن عائد الشكر، إنما يعود إلى الشاكر نفسه، ليس للّه منه شىء، فإن اللّه غنى عن العالمين، لا ينفعه شكر من يشكر، ولا يضره كفر من يكفر، كما يقول سبحانه :« إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ » (٧ : الزمر).
قوله تعالى :« وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ »


الصفحة التالية
Icon