ج ١١، ص : ٦٠٤
قوله تعالى :« اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ ».
هذا من بعض ما يحمل الكتاب من نذر ينذر بها الرسول قومه..
ففى هذا النذير إلفات إلى قدرة اللّه، وإلى سلطانه القائم على هذا الوجود، وأنه سبحانه هو الذي خلق السموات والأرض، وقام بسلطان قدرته عليها، وعلى تصريف كل شىء فيهما.. فليؤمنوا إذن بهذا الإله المتفرد بالألوهة، وليتركوا ما هم عاكفون عليه من أصنام.. فإن لم يفعلوا أخذهم اللّه بعذابه الذي لا يدفعه عنهم « ولىّ » أي قريب أو حليف، ولا يشفع لهم من بأس اللّه « شفيع » من تلك المعبودات التي يعبدونها من دونه، ليقربوهم إلى اللّه زلفى..
ـ وقوله تعالى :« اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ».
قد عرضنا لتفسيره من قبل، فى غير موضع، وقلنا إنه ليس المراد بالستة الأيام هنا اشتغال اللّه سبحانه وتعالى بعملية الخلق طوال هذه المدة، كما فهم ذلك كثير من المفسرين، نقلا عن التوراة، وما جاء في أول سفر التكوين منها، من أن اللّه خلق المخلوقات في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع..
تقول التوراة :« فى البدء خلق اللّه السماوات والأرض.. »
ثم تقول وهى تعرض ما خلق اللّه في السموات والأرض :« وكان مساء وكان صباح.. يوما واحدا.. وكان مساء وكان صباح يوما ثانيا وكان مساء.. وكان صباح يوما ثالثا.. وهكذا إلى اليوم السادس، ثم تقول :
« فأكملت السماوات والأرض وكل جندها، وفرغ اللّه في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل »
!! وهذا فهم خاطئ لقدرة اللّه، وتحديد لتلك القدرة، ومقايسة لها بقدرة


الصفحة التالية
Icon