ج ١١، ص : ٧٨١
قوله تعالى :«أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ؟ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ » هذا هو مجمل ما يجيب به بعضهم بعضا، على هذه التساؤلات التي يتساءلونها فى أمر هذا الخبر العجيب الذي يحدثهم به النبىّ عن البعث.. إنهم ينتهون إلى أن يضعوا النبىّ بين أمرين، لا ثالث لهما : إما أن يكون رجلا افترى على اللّه الكذب فيما يحدثهم به، ويقول عنه إنه من عند اللّه.. فهذا الحديث ـ عندهم ـ لا يكون من اللّه، لأن اللّه لا يعقل منه أن يقول مثل هذا القول غير المعقول.. وإما أن يكون هذا الرجل مجنونا، يلقى الكلام كما يصوّره له جنونه.. وإذن فعلى كلا الأمرين، لا يسمع له، ولا يلتفت إليه..
وفى قولهم على « رجل » إمعان منهم فى الاستصغار لشأن النبي، وأنه أقلّ من أن يذكر باسمه أو صفته.. ولهذا ردّ اللّه سبحانه عليهم بقوله :« بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ ».
. فأضرب اللّه على كلامهم وأبطله، ثم ألقى بهم فى العذاب، وألبسهم لباس العمى والضلال..
وقدّم العذاب على الضلال، مع أن العذاب الذي سينالهم هو من ثمرة ضلالهم ـ قدم هذا، استعجالا لما يسوءهم، واستحضارا للبلاء الذي ظنوا أنهم فى مأمن منه..
قوله تعالى :« أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ.. إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ.. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ »


الصفحة التالية
Icon