ج ١١، ص : ٨٠٣
وقوله تعالى :« وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ».
أي أنه لم يكن لإبليس سلطان قاهر على هؤلاء الذين دعاهم فاستجابوا له، وقد كان أمرهم بأيديهم، إن شاءوا عصوه، وإن شاءوا اتبعوه.. وفى الفريق الذين عصوه، وثبتوا على إيمانهم، شاهد على هذا.. إن إبليس وما معه من مغريات ومغويات، ليس إلا بعض ما يبتلى اللّه به عباده من نقم.. ثم إن للناس ـ مع هذا ـ شأنهم فيما ابتلوا به.. وفى هذا الابتلاء تنكشف أحوال الناس، ويميز اللّه الخبيث من الطيب.. ثم إنه ـ بعد هذا كله، وقبل هذا كله ـ لا يقع شىء إلا بإرادة اللّه سبحانه وتعالى، وما قضى به فى خلقه « وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ » فكل شىء بيده وتحت سلطانه.. لا يملك أحد معه من الأمر شيئا.
والمراد بعلم اللّه هنا، هو علم ما وقع بعد أن يقع، وهو سبحانه، عالم به أزلا، ولكن لا يحاسب عليه إلا بعد أن يقع، ويصبح من كسب العباد..
واختصاص العلم هنا بالإيمان بالآخرة، أو الشك فيها، لأن الإيمان بالآخرة، وبالبعث والحساب والجزاء، هو ملاك الإيمان باللّه، وبآيات اللّه، ويرسل اللّه.. فليس مؤمنا باللّه، ولا بآيات اللّه ولا يرسل اللّه، إلا من كان مؤمنا باليوم الآخر..
الآيات :(٢٢ ـ ٣٠) [سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٢٢ إلى ٣٠]
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦)
قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠)


الصفحة التالية
Icon