ج ١١، ص : ٨٥٨
على الجملة الابتدائية فى قوله تعالى :« فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ » وذلك مثل قوله تعالى :« أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ »..
والتقدير : إن اللّه يضل من يشاء ويهدى من يشاء، وهو سبحانه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً » واختلاف النظم فى « يَهْدِي » (بالفعل المتجدد) « وأَرْسَلَ » (بالفعل الماضي).. إشارة إلى أن الإرسال يسبق الآثار المترتبة عليه، وهى الإهداء، أو الإضلال، والإحياء أو الإماتة.. فالإرسال سابق، ولهذا عبّر عنه بالفعل الماضي.. والآثار المترتبة عليه، مستمرة، لا تنقطع، ولهذا عبر عنه بفعل المستقبل « يهدى ».
ـ وفى قوله تعالى « كَذلِكَ النُّشُورُ ».
. إشارة إلى قضية البعث، التي هى مبعث ارتياب المشركين، وتكذيبهم للرسول فى كل ما يدعوهم إليه..
وفى هذه الإشارة دليل مادىّ محسوس يشهد لإمكانية البعث، وأنه إذا كانت الأرض الميتة المجدبة، ينزل عليها الماء، فتلد هذه المواليد العجيبة، من النبات، والزهر، والثمر، فإن هذه الأرض التي أودع فى ترابها الناس، ليس ببعيد أن ينفخ اللّه فيها نفخة الحياة، فتخرج ما فى بطنها من آدميين!..
قوله تعالى :« مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً.. إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ ».
أي أن هؤلاء المشركين إنما يتخذون هذه الآلهة التي يعبدونها من دون اللّه، ليكونوا لهم شفعاء عند اللّه، ولينالوا بهم عزا وجاها، كما يقول سبحانه