ج ١١، ص : ٨٥٩
« وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا » (٨١ : مريم) ولقد أخطأ هؤلاء المشركون الطريق إلى العزة.. إن العزة للّه جميعا، لا يملك أحد منها شيئا، فمن أراد العزة ولم يلتمسها من اللّه، فلن ينال منها شيئا..
ـ وقوله تعالى :« إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ».
. إشارة إلى أن اللّه طيب لا يقبل إلا طيبا، ولا يرد موارد عزّته إلا الطيبون.. والمشركون نجس، وإذن فلا طريق لهم إلى اللّه، ولا شىء لهم من العزة التي هى ملك يمينه..
وأنهم إذا أرادوا أن يأخذوا طريقهم إلى اللّه، وإلى العزة التي بين يديه، فليتطهروا من شركهم، وليؤمنوا باللّه، وبغير الإيمان باللّه لن يكون لهم طريق إلى اللّه.. فالكلم الطيب هو كلمة التوحيد :« لا إله إلا اللّه » وقوله تعالى :« وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ » ـ إشارة إلى الإيمان باللّه يقيم صاحبه على أول الطريق إلى اللّه، ثم تكون الأعمال الصالحة التي تقوم وراء الإيمان هى التي ترفع صاحبها إلى اللّه، وتدنيه منه.. فإن الإيمان ـ مجرد الإيمان ـ دون عمل صالح، هو خير معطل، أشبه بالنبتة الصالحة فى الأرض الطيبة، لا يصيبها ماء! فإذا أصابها الماء اهتزت لها الأرض وربت وأنبتت من كل زوج بهيج..
« فالعمل الصالح » يزكى الإيمان، وينميه، ويثبت دعائمه، ويرفع بنيانه وقوله تعالى :« وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ »..
مكر السيئات : تدبيرها، والاحتيال فى التمكين لها.
وفى هذا تهديد للمشركين الذي يغرسون فى مغارس السوء، ويعملون فى مجال الضلال، إنهم لا يجنون من غرسهم هذا إلا أنكد الثمر وأخبثه.. إنه العذاب الشديد فى الآخرة، والحسرة والوبال فى الدنيا..


الصفحة التالية
Icon