ج ١١، ص : ٨٦٠
وفى قوله تعالى « وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ » حكم قاطع على هذا المكر السيّء الذي يمكره المشركون بالنبي وبدعوته، بأنه إلى بوار وضياع، لا ينالون به من الذين يمكرون به، وهو هذا الدين الذين يدعون إليه ـ لا ينالون منه منالا، بل سيبطل اللّه مكرهم به، ويكتب لهذا الدين الغلب والنصر، ولأهله العزة والتمكين..
قوله تعالى :«وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ » هو عرض لبعض سلطان اللّه، وقدرته، وأن له سبحانه العزة جميعا..
فهو ـ سبحانه ـ بقدرته، خلق الناس من هذا التراب الهامد. فهذا التراب هو الأصل الذي تخلقت منه النطف، التي تخلّق منها الأجنة فى بطون الأمهات، ومن الأجنّة كانت المواليد، وكان الناس..
وهذا التراب، الذي يبدو أنه أصل أول فى خلق الإنسان، هو فى حقيقته، قد مرّ فى أطوار كثيرة، حتى صار هذا التراب.. تماما كما مر الإنسان فى أطوار الخلق، من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة.. إلى آخر ما هنا لك من صور وأطوار فى الخلق.
ـ وفى قوله تعالى :« ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً » إشارة إلى تنويع خلق الإنسان، فكان منه الذكر والأنثى.. كما يقول سبحانه وتعالى :« أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » (٣٧ ـ ٣٩ : القيامة)