ج ١١، ص : ٨٦٢
أي كثير الملوحة ثم إنهما مع هذا الاختلاف، يثمران للإنسان ثمرا، يجنبه منهما على سواء، فمن الماء العذب والماء الملح، يأكل لحما طريا، هو ما يستخرج منهما من أنواع السمك.. كما يستخرج منهما حلىّ تلبس للزينة، كاللؤلؤ، والمرجان، وأنواع الصدف، وغيرها.. وعلى كلا البحرين ـ العذب والملح ـ تجرى السفن محملة بالبضائع والأمتعة، والناس وفى الآية الكريمة أكثر من إشارة.
فأولا : الناس، وأصلهم من ماء، كهذا الماء. هم هذه النطفة، وقد فرقت القدرة الإلهية بينهم، كما فرقت بين العذب والملح فهناك المؤمنون والكافرون، وهما غير متساويين، كما أن الماء العذب والماء الملح غير متساويين.
وثانيا : الماء العذب، بقا له المؤمن، والماء الملح، يقابله الكافر. والمؤمن طيب، مقبول فى الحياة الإنسانية.. إنّه الحياة التي تمسك بوجودها على الصحة والسلامة، كالماء العذب، فهو الذي يمسك حياة الأحياء، ويقيم وجودها..
وثالثا : الماء الملح، وهو على ما به من ملوحة لا تقبلها النفس، يشارك الماء العذب، فى استكمال حياة الناس، وفى جلب كثير من المصالح لهم. وكذلك الكافر، إنه ـ على ما به ـ يشارك فى بناء الحياة الإنسانية، ويمثلّ جانبا مهمّا منها. إنه الكفة الأخرى التي يعتدل بها ميزان الحياة.. وإنه لولا الكافر، ما استبان وجه المؤمن، ولا عرف فضله، ومقامه..
ورابعا : الماء الملح، هو الكثرة الغالبة فيما على الأرض من ماء، وكذلك الكفر، هو الوجه العريض فى دنيا الناس، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَما أَكْثَرُ النَّاسِ ـ وَلَوْ حَرَصْتَ ـ بِمُؤْمِنِينَ » (١٠٣ : يوسف) وخامسا : أنه برسالات السماء، وهدى الرسل، يخرج المؤمنون من أحشاء