ج ١١، ص : ٨٧٢
فالأعمى.. والبصير.. لا يستويان.. هذا أعمى، وذاك مبصر..
والظلمات.. والنور. لا يستويان كذلك. هذه ظلمات، وذاك نور..
والظل.. والحرور.. لا يستويان أيضا.. هذا ظل بارد، وذاك سموم حار..
والأحياء.. والأموات.. على رفى نقيض.. هؤلاء أحياء، وأولئك أموات هامدون..
ويلاحظ هنا أمران :
أولهما : جمع الظلمات، وإفراد النور..
وذلك لأن الظلمات هى ظلال أشباح، داخلة إلى عالم النور، إذ كان العالم كله نورا من نور اللّه، كما يقول سبحانه :« اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » فالعالم كيان واحد من نور، وهذا الظلام الذي يرى فى العالم، إنما هو من ظلال تلك الأشباح الكثيفة الداخلة عليه..
ومن جهة أخرى، فإن الذي يعيش فى النور، إنما يأخذ طريقا واحدا فيه إلى غايته، أما الذي يعيش فى الظلمات، فإنه لا يعرف له طريقا.. بل يتحرك مضطربا على طرق شتى..
وثانيهما : تقديم الظل على الحرور، والأحياء على الأموات.. وكان النظم يقضى بتقديم الحرور على الظل، والأموات، على الأحياء، لتتسق ألوان الصورة كلها، فيكون الأسود المعتم (الأعمى، والظلمات، والحرور، والأموات) ـ فى جانب، والأبيض المشرق (البصير، والنور، والأحياء، والظل) ـ فى جانب آخر! فما حكمة هذا ؟.
نقول ـ واللّه أعلم ـ إن الجواب على هذا من وجهين :


الصفحة التالية
Icon