ج ١١، ص : ٩٠٨
خلال ثلاث وعشرين سنة ـ وهى مدة الرسالة الإسلامية ـ مات كثير من هؤلاء المشركين على شركه، ومن لم يمت منهم على فراش الموت مات قتيلا فى ميدان القتال مع المسلمين.. ومن امتدّ به الأجل وأدرك الفتح، ودخل فى دين اللّه مع الداخلين ـ ظل ممسكا بشركه فى صدره، حتى مات عليه، أو مات فى حروب الردّة مع المرتدّين..
أما لما ذا حقّ القول عليهم ؟ فهذا سؤال لا يسأله مؤمن باللّه.. إنه اعتراض على مشيئة الخالق فيما خلق! « أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ.. تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ » (٥٤ : الأعراف).
قوله تعالى :« إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ » هو بيان للأسباب التي أقامها اللّه سبحانه، لتصرف فى هؤلاء المشركين عن الحق، وتمسك بهم على الشرك والضلال..
لقد جعل اللّه « فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا » أي أطواقا من حديد، أشبه بالقلادة، تطوق بها أعناقهم..
« فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ » ـ أي وهذه الأغلال أو القلائد تشتمل على العنق كله، حتى لتصل إلى الأذقان..
« فَهُمْ مُقْمَحُونَ » أي مشدود والرءوس إلى أعلى.. فهم لا يستطيعون أن يحركوا رءوسهم يمينا أو شمالا، أو إلى تحت أو فوق..
والصورة التي تبدو ممن طوّق بهذا الطوق، أنه تمثال جامد، وأنه لا يستطيع أن يرى غير الطريق القائم بين يديه، أما ما حوله، عن يمين وشمال، فلا يرى منه شيئا