ج ١١، ص : ٩٠٩
والطريق الذي بين يدى هؤلاء المشركين الذين حق عليهم القول، هو طريق الضلال.. وإذن فلا طريق لهم غيره..
والأغلال التي جعلها اللّه فى أعناق هؤلاء المشركين، هى أغلال معنوية.
فإن الذي ينظر إليهم، وهم ماضون على طريق الشرك، لا يلتفتون إلى هذا النور الذي عن يمينهم وعن شمالهم، ومن أمامهم ومن خلفهم ـ يخيّل إليه أن فى أعناق القوم أطواقا من حديد، قد شلت حركة رءوسهم، فلم يقدروا على إلفاتها يمينا أو شمالا..
قوله تعالى :« وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ » هو من تمام الصورة التي جعل اللّه المشركين عليها، حتى لا يهتدوا حين جاءهم الهدى، لما سبق من قضاء اللّه فيهم فهم ـ بالأغلال التي فى أعناقهم ـ مقمحون، قد دفعت رءوسهم إلى أعلى، بحكم المخنقة التي فى أعناقهم.. وهم فى هذا الوضع لا يستطيعون التفاتا يمينا أو شمالا، ولكنهم مع ذلك يستطيعون أن يروا ما أمامهم، وأن يستدبروا ليروا ما خلفهم..
ـ وفى قوله تعالى :« وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا » هو سدّ لهذين المنفذين اللذين يمكنانهما من الرؤية من أمام ومن خلف.. وأما وقد جعل اللّه ـ سبحانه ـ سدّا من بين أيديهم أي من أمامهم، وسدّا من خلفهم، فقد أحكم سد المنافذ عليهم من جميع الجهات، وأصبحوا وقد أغلقت عليهم منافذ النظر إلى العالم الخارجي، وصاروا محصورين فى عالمهم الذي لا شىء