ج ١١، ص : ٩١٥
« قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ »..
ويلقى الرسل هذا الرد الفاجر، بملاطفة، ووداعة :
« قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ..! » أي شؤمكم معكم، ومستقرّ فى كيانكم الفاسد، الذي يمسك عليكم هذا الداء الذي أنتم فيه.. وليس هو شؤما واردا عليكم من خارج، فإن ما معكم من الشؤم لا يحتاج إلى مزيد..
ـ « أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ ؟ » ألأن ذكرتم بما أنتم فيه من غفلة، وما أنتم عليه من ضلال، ترموننا بهذا الاتهام الكاذب الفاجر ؟.
ـ « بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ » ـ أي متجاوزون الحد فى الضلال..
وينتهى موقف الرسل مع أصحاب القرية إلى هذا الطريق المسدود..
ثم لا يلبث أن يجىء صوت العقل، من واحد من أهل القرية، فيكسر هذا الحائط، ويدخل على القوم منه، ويأخذ موقفه مع الرسل، داعيا إلى اللّه..
« وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ ».
. فأى دعوة أولى من هذه الدعوة، بالقبول لها، والاحتفاء بأهلها ؟ إنها دعوة من أهل الهدى، الذين لا يسألون أجرا على هذا الهدى الذي، يقدمونه ويدعون إليه..
فلم التمنّع والإعراض عن خير يبذل بلا ثمن ؟ ذلك لا يكون إلا عن سفه وجهل معا..
ثم يعرض هذا الوافد الجديد، نفسه عليهم، فى الزىّ الجديد الذي تزيّا، والخير الموفور الذي بين يديه من تلك الدعوة..