ج ١٢، ص : ١١٠٠
هذا، ويلاحظ أن ذكر إبراهيم وإسحق ويعقوب، قد جاء متأخرا عن ذكر داود وسليمان وأيوب، مع أن إبراهيم، هو الأب الأكبر لهم، كما أن إسحق ويعقوب، من آبائهم الأولين..
فما سر هذا الترتيب الذي جاء عليه النظم القرآنى، مخالفا الترتيب الزمنى ؟
والجواب على هذا ـ واللّه أعلم ـ هو :
أولا : أن داود وسليمان، وأيوب، كانوا أصحاب دنيا عريضة، إلى جانب النبوة..
فقد كان داود وسليمان ملكين، يقومان على ملك عظيم، على حين كان أيوب ذا ثراء كبير، ومال وبنين، إلى جانب نبوته أيضا..
وهذا الملك، وذلك الثراء، هما ابتلاء وفتنة حيثما وجدا، سواء أكان ذلك مع الأنبياء، أو غير الأنبياء.. وهذا يقتضى ممن يبتلى بهما أن يكون على حذر دائم، ومراقبة متصلة لنفسه، فى كل ما يأتى وما يذر من عمل.. إنه فى مواجهة الفتنة أبدا، فإذا لم يكن على حذر منها، جرفه تيارها، فكان من المغرقين..
ثانيا : لم يكن إبراهيم وإسحق ويعقوب، أصحاب مال أو سلطان ـ كما قلنا ـ ولهذا فقد خلصت نبوتهم من عوائق الفتن الدنيوية، فأخلصوا للّه وجودهم ووجوههم، فلم تكن منهم زلة أو هفوة..
وثالثا : فى هذه الصورة التي تفرّق بين الأنبياء الملوك أو أشباه الملوك، وبين الأنبياء المخلصين للنبوة ـ يرى النبىّ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ أين منزلته التي جعله اللّه فيها.. فهو صلوات اللّه وسلامه عليه ـ نبى خالص النبوة، لا تشغله الدنيا، ولا تعرض له بفتنة من فتنها.. ومن ثم فهو فى عصمة من نبوته. فلا