ج ١٢، ص : ١١٨٨
رَحْمَةِ اللَّهِ »
ـ ألا فليذكروا أن اللّه هو خالق كل شىء، وقائم على كل نفس بما كسبت، لا يملك أحد معه من الأمر شيئا.. فمن ولّى وجهه إلى غير اللّه، فقد خاب وخسر، وأورد نفسه موارد الهلاك.. وهذا ما يشير إليه :
قوله تعالى :« لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ».
ومقاليد السموات والأرض : أزمّتها التي تقاد منها، كما يقاد الحيوان من عنقه، وهو موضع القلادة.. وهذا تشبيه وتمثيل، يراد به خضوع السموات والأرض للّه، وانقيادهما لقدرته..
قوله تعالى :« قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ ».
هو تعقيب على هذا العرض الذي كشفت فيه الآيتان السابقتان عن بعض ما للّه سبحانه من سلطان مطلق فى هذا الوجود، لا يملك أحد معه مثقال ذرّة منه..
وهذا التعقيب هو وإن كان تلقينا من اللّه سبحانه وتعالى لنبيه ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ إلا أنه دعوة العقل، تلتقى مع أمر اللّه!.
فالعقل بمنطقه، لا يجد أمام هذا العرض لقدرة اللّه، وبين يدى تلك الدلائل الدالة على وحدانيته ـ لا يجد إلا الإذعان للّه، والولاء له، وإخلاص العبادة له وحده، غير ملتفت إلى ما يدعو إليه أهل الجهالة والضلالة، من عبادة ما يعبدون من ضلالات..