ج ١٢، ص : ١١٨٩
والاستفهام إنكارى.. والأمر ليس أمرا على حقيقته، وإنما هو دعوة من دعوات الضالين للنبى بعبادة غير اللّه، وذلك بإنكارهم عليه أن يعبد اللّه.. ومفهوم المخالفة لهذا الإنكار، هو أن يعبد غير اللّه..
وفى قوله تعالى :« أَيُّهَا الْجاهِلُونَ » توبيخ لهؤلاء الداعين إلى عبادة غير اللّه، وفضح للداء الذي أوقعهم فيما هم فيه من ضلال، وهو الجهل..
فلو أنهم كانوا على شىء من العلم، لما ركبوا هذا الطريق المظلم، وبين يديهم طريق مستقيم مضىء.
قوله تعالى :«وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ » هو تشنيع على الشرك، وعلى ما يحيق بالمشركين من غضب اللّه ونقمته، وأنه أمر إن وقع فيه أحد، فلا شفاعة له عند اللّه ـ حتى ولو فرض ـ وهو مستحيل ـ إن كان الذي يشرك باللّه، من أقرب المقربين إلى اللّه، وهم أنبياء اللّه، أو كان من أكرم خلق اللّه على اللّه، وهو رسول اللّه!
قوله تعالى :« بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ »..
هو تأمين على ما قررته الآية السابقة، وتوكيد لما حملت من إنكار على الكافرين دعوتهم النبىّ إلى عبادة غير اللّه.. فهم يدعون النبي إلى عبادة غير اللّه، واللّه سبحانه وتعالى يدعوه إلى عبادته.. وفى هذا إبطال لدعوة المشركين، وإهدار لها..
وفى الجمع بين العبادة والشكر، إشارة إلى أن هذه العبادة ليست عبادة قهر وقسر، بل هى عبادة حمد وشكر، وولاء، وحبّ للّه سبحانه وتعالى، الذي خلق فسوّى، والذي قدّر فهدى، والذي أخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى..


الصفحة التالية
Icon