ج ١٢، ص : ١٢٥٢
«إن » هنا نافية، بمعنى « ما » والكبر الذي فى صدور المشركين : هو هذا الغرور الذي زينه الشيطان لهم، وأنهم على الحق، وأن الغلبة آخر الأمر لهم وفى هذا يقول سبحانه :« وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ » (٤٨ : الأنفال).. فهذا الكبر الذي يملأ صدورهم، ما هو إلا دخان من الباطل، وإنهم لن يبلغوا به ما يطمعهم فيه من آمال..
فالضمير فى « بالغيه » يعود إلى الكبر، بمعنى أنهم لن يبلغوا ما ينطوى عليه هذا الكبر من أمانىّ وآمال..!
وقوله تعالى :« فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ.. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ » ـ دعوة إلى النبي الكريم من ربه سبحانه وتعالى، أن يلقى كبر هؤلاء المتكبرين، وتطاول هؤلاء المتطاولين المدلّين بجمعهم، المغرورين بقوتهم ـ أن يلقى ذلك منهم باللّجأ إلى اللّه، واللّياذ بقوته، فهو سبحانه « السميع » الذي يسمع للنبى ما يدعو به ويستجيب له، وهو « البصير » الذي يرى أين تنزل مواقع رحمته وإحسانه، وأين تقع صواعق نقمه وبلائه..
قوله تعالى :« لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ.. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ » مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى، أن الآية السابقة، أشارت إلى ما يملأ صدور المشركين من كبر وغرور واستعلاء، وأنهم يحسبون بما ملكوا من كثرة فى المال والرجال ـ أنهم لن يغلبوا.. فجاء قوله تعالى :« لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ » ـ ليريهم أنهم، وإن كانوا ـ كما يرون فى