ج ١٢، ص : ١٢٥٨
وفى هذا إشارة إلى أن الدعاء عبادة، وولاء، وخضوع للّه، واعتراف بجلاله وقدرته.. وأن الذين لا يدعون اللّه، ولا يوجهون وجوههم إليه، هم أهل كفر باللّه، وضلال عنه.. إذ يمنعهم كبرهم واستعلاؤهم عن أن يذلّوا للّه، ويمدوا أيديهم سائلين من فضله، طالبين من رحمته.. إنهم سيدخلون جهنم أذلاء، محقرين، بعد أن صرفوا وجوههم عن اللّه مستعلين مستكبرين.. إنه الهوان والإذلال، هو جزاء كل متكبر جبار.
وفى قوله تعالى :« عَنْ عِبادَتِي » بدلا من « دعائى » ـ إشارة إلى أن الدعاء من العبادة، بل إنه ـ كما قلنا ـ مخّ العبادة..
قوله تعالى :« اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ »..
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة قد حملت دعوة إلى الناس أن يدعوا اللّه ربهم، وأن يوجّهوا وجوههم إليه.. كما توعدت الآية الذين يستكبرون عن عبادة اللّه ودعائه، بالإلقاء فى النار، فى ذلة وصغار..
فجاءت هذه الآية والآيات التي بعدها، تعرض بعض مظاهر قدرة اللّه ورحمته وإحسانه إلى عباده، ليرى هؤلاء المستكبرون أين يقع استكبارهم من جلال اللّه وعظمته..
فقوله تعالى :« اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً » أي أن اللّه الذي يدعوكم إليه، ويستضيفكم إلى ساحة فضله وإحسانه، ثم تأبون أن تستجيبوا له أيها المستكبرون ـ اللّه الذي