ج ١٢، ص : ١٢٨٠
إن عملية كتابة القرآن فيه لم تكن مستكملة، ولا متوفرة الكتاب، ولا أدوات الكتابة ـ فإنه لا يصح فى القرآن المدني، وفيه كثير من السور بدئت بالحروف المقطعة، كسورة البقرة، وآل عمران.. مثلا.
قوله تعالى :« كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ »..
هو بدل من قوله تعالى :« تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » بدل كل من كل.. أي هذا الذي نزل من الرحمن الرحيم، هو كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون..
وفى قوله تعالى :« مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » إشارة إلى أن منزل هذا القرآن هو اللّه سبحانه وتعالى، تجلى به سبحانه على العباد، رحمة لهم، وإحسانا إليهم..
وفى قوله تعالى :« كتاب » ـ إشارة إلى أن هذه الرحمة المنزلة من عند اللّه كتاب، يقرأ، ويدرس، وتتلقّى منه الحكمة والمعرفة، فهو من حظ العقول والقلوب والأرواح، وليس متاعا كالأنعام ونحوها، مما هو من حظ الأبدان، والجوارح، والبطون!.
وفى قوله تعالى :« فُصِّلَتْ آياتُهُ » ـ إشارة ثالثة، إلى أن هذا الكتاب ليس ذا موضوع واحد، شأن الكتب المعروفة، فهو ليس كتاب فلك، أو حساب، أو قصص، أو تاريخ، أو نحو هذا مما هو موضوع كل كتاب.. وإنما هو كتاب الوجود كله، يحمل بين دفتيه كل علم، وكل فن، حيث هو جامعة العلوم والمعارف كلها، لمن آتاه اللّه عقلا مبصرا، وبصيرة مشرقة، وقلبا سليما، وروحا صافية.. ففى هذا الكتاب قطوف دانية من