ج ١٢، ص : ١٢٩٩
غارقون فى هذا الضلال.. لقد غرتهم هذه القوة الجسدية الحيوانية التي وجدوها فى كيانهم، فطاروا بها فرحا وزهوا، وقالوا : من أشد منا قوة ؟
إنها القوة الجسدية وحدها، هى التي يملكونها.. فما ذا عندهم من تلك القوة ؟
أو لم يروا أنهم مخلوقون من هذا التراب ؟ أولم يروا أن اللّه الذي خلقهم هو أشد منهم قوة، إن كانوا لا يرون فى مخلوقات اللّه، من هو أشد منهم قوة ؟ إنهم لو نظروا لوجدوا أن قوتهم تلك لا وزن لها بين تلك القوى الهائلة التي يرونها فى مخلوقات اللّه.. فكيف بقوة اللّه سبحانه وتعالى ؟
وفى قوله تعالى :« وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ » هو معطوف على قوله تعالى :« وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ».
. ويصح أن يكون معطوفا على محذوف هو جواب لهذا الاستفهام الإنكارى :« أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً » ؟ أي لم يروا هذا ولم ينظروا فيه « وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ »..
قوله تعالى :« فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ».
هذا مصير عاد، وتلك عاقبة تكذيبهم لرسلهم وكفرهم بآيات اللّه » لقد أرسل اللّه سبحانه وتعالى عليهم ريحا صرصرا، أي شديدة عاتبة، ذات صرير وزئير.. « فى أيام نحسات » أي فى أيام طلعت عليهم بالشؤم، والبلاء، على حين طلعت على غيرهم بالعافية والخير.. وذلك « لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا » حين يعصف بهم هذا البلاء، وتقهرهم الريح، التي كانت تهب عليهم نسيما عليلا، وتصفعهم هذه الصفعة