ج ١٣، ص : ١١٨
التفسير :
قوله تعالى :« وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ »..
هو معطوف على جرائم المشركين التي عرضتها الآيات السابقة.. وجريمتهم هنا أنهم يذهبون مذهب السفسطة، والمماحكة، فيعترفون بأن اللّه سبحانه مشيئة عامة غالبة.. وهذا حق، ولكنه حق أرادوا به باطلا، فجعلوا عبادتهم الملائكة مشيئة للّه فيهم، وأن اللّه لو شاء لهم أن يعبدوا غيرها لعبدوه.. فهم ـ والحال كذلك ـ قائمون على أمر اللّه، غير خارجين على مشيئته.. وهذا مكر سيىء منهم، ولا يحيق المكر السيّء إلا بأهله..
ونعم إن للّه سبحانه وتعالى كلّ شىء.. وإنهم لن يملكوا مع اللّه نفسا يتنفسونه إلا بأمره ومشيئته.. ولكن أين مشيئتهم هم ؟ أليست لهم مشيئة عاملة، يأخذون بها الأمور أو يدعونها ؟ إنهم لو عطلوا مشيئتهم فى كل أمر لكان لهم أن يقولوا هذا القول.. ولكنهم إذا حضرهم الطعام مدوا أيديهم إليه، وأخذوا منه ما يسد جوعهم، فإذا شبعوا رفعوا أيديهم عنه.. فلم يمدّون أيديهم إلى الطعام، ولا يقولون لو شاء اللّه أن نأكل لأكلنا ؟ هذه أقرب


الصفحة التالية
Icon