ج ١٣، ص : ٢٢
وأنزلهم منازل جناته ورضوانه.. فضلا منه وإحسانا، وكرما.. جعلنا اللّه منهم..
وقوله تعالى :« وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ».
. اختلف فيه النظم، فجاء على غير ما يقتضيه ظاهر المقام، الذي يقضى بأن يكون المعادل لقوله تعالى :« وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ » ـ هو :« ويحرم من يشاء منها »..
فما سرّ هذا ؟
السرّ ـ واللّه أعلم ـ هو أن اللّه سبحانه، هو صاحب المشيئة المطلقة التي لا معقب لها، وهو سبحانه بهذه المشيئة يفعل ما يشاء فى خلقه، فيعذّب من يشاء، ويرحم من يشاء.. « مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (٣٩ : الأنعام)..
تلك هى مشيئة اللّه المطلقة الغالبة « وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ » (٦٨ : القصص)..
ومع هذه المشيئة الغالبة المطلقة للّه سبحانه، فقد جعل جلّ شأنه للإنسان ـ فضلا منه وكرما ـ مشيئة، تقود فطرته، لتلقى مع مشيئة اللّه، وتجرى فى محيطها العام المتدفق..
ولكن الإنسان ـ وبمشيئة اللّه الغالبة ـ أفسد فطرته، فجمعت به إرادته عن أن يستقيم على سواء السبيل، فكان بهذا ظالما، جائرا عن قصد السبيل القويم.. فالظالم هو الوصف الذي يرد على كل إنسان عاقل رشيد مريد، إذا هو كان فى موقع انحرف فيه عن طريق الحق الذي قام عليه الوجود كلّه..