ج ١٣، ص : ٢٢٤
وقوله تعالى :« نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ » جملة حالية من قوله تعالى :« آياتُ اللَّهِ » أي هذه آيات اللّه متلوّة عليك بالحقّ الذي تحمله فى كيانها.
وفى إسناد تلاوة آيات اللّه على النبي، إلى اللّه سبحانه وتعالى، مع أن الذي يتلوها عليه هو جبريل ـ فى هذا تشريف للنبىّ، واحتفاء به، وتكريم له..
وحسبه ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ من الشرف والرفعة، أن ينكشف الحجاب بينه وبين ربّه جلّ وعلا وأن يخلى جبريل مكانه بين اللّه سبحانه، وبين عبده محمد ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ فلا يسمع الرسول إلّا كلمات ربّه، من ربّه وإن كان جبريل هو الذي يحملها إليه.
وقوله تعالى :« فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ » استفهام إنكارى تقريعىّ، يسفّه موقف المشركين من آيات اللّه، واتهامهم لها، وشكّهم فيها وتوقفهم عن الإيمان بها. فأى حديث بعد حديث اللّه، وأي آيات بعد آيات اللّه، ينتظر القوم أن يأتيهم ببيان أجلى من هذا البيان، وحجة أبلغ وأصدق من هذه الحجة، ليؤمنوا به، ويطمئنوا إليه ؟.
إن اللّه سبحانه وتعالى هو الذي يتحدث بآياته تلك التي يتلوها الرسول عليهم.. فاللّه سبحانه وتعالى يتلوها على الرسول، والرسول يتلوها عليهم، ويبلغهم إياها.. ولو أنهم أحسنوا الاستماع، وفتحوا لما يسمعون آذانهم وقلوبهم، لسمعوا الحقّ جلّ وعلا، يتلو عليهم هذه الآيات التي يتلوها الرسول عليهم، ولا رتفع الحجاب بينهم وبين ربّهم.. فإن كلمات اللّه تأخذ طريقها مباشرة إلى القلوب المهيأة لها، المستعدّة لا ستقبالها.
قوله تعالى : وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ »


الصفحة التالية
Icon