ج ١٣، ص : ٢٢٥
هو تهديد ووعيد بالويل والبلاء، لمن يسمع آيات اللّه تتلى عليه، ثم يلقاها ضائفا بها، متكرّها لها، مستعليا ومستكبرا، على الإقبال عليها، والنظر فى وجهها، فلا يأبه لما يتلى عليه منها، بل يمضى كأن لم يسمع شيئا، كان فى أذنيه صمما..
والأفاك : صيغة مبالغة من الإفك، والافتراء، وقلب الحقائق..
والأثيم : صيغة مبالغة كذلك من الإثم، وهو اقتراف المنكر، واجتراح السيئات.. وهاتان الصفتان هما الآفتان اللتان تتسلطان على أهل الزيغ والضلال، فلا يكون منهم قبول للحق، ولا تجاوب معه.. إذ كيف يجد الحق له مكانا فى نفوس لا تستمرئ إلا الإفك، ولا تستطيب إلا الإثم ؟..
وقوله تعالى :« ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً ».
. إما أن يكون من الإصرار، وهو التمسك والتشبث بما مع المشركين من شرك.. ويكون المعنى : ثم يصر على الكفر، ويتشبث به، مستصحبا معه الكبر والاستعلاء.. وهذا مثل قوله تعالى فى قوم نوح :« وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً » (٧ : نوح)..
وإما أن يكون من الصرّ، وهو تجّهم الوجه، ضيقا وتكرها.. ومنه قوله تعالى :« فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ » (٢٩ : الذاريات)..
ومنه الصّر، وهى الريح الباردة التي يجمد منها الدم فى العروق.. ومنه الصّرصر، وهى الريح العاصفة الباردة..